الحسين حنين
اختار بيريتا تقديم الفيلم بالأبيض والأسود، مما أضفى على العمل طابعا بصريا في غاية الحساسية. هذه المعالجة تبرز ملامح الأطفال، قلقهم، وحدتهم العاطفية، وتحول اليومي البسيط إلى مساحة تأمل حزينة.
مشاهد اللعب، المقبرة، الغابة، والغرفة الضيقة كلها تبدو كأنها صور فوتوغرافية ملقوطة من ذاكرة شخصية وليست جزءاً من سرد سينمائي تقليدي.
يتناول الفيلم عدة مواضيع تتقاطع في حياة فتيان مسلمين داخل مجتمع لا يمنحهم فرصاً عادلة الحزن المبكر بسبب فقدان الأم.
الصداقات المهددة تحت ضغط الخوف والمراقبة الاجتماعية، اختبار الرجولة قبل أوانه، التنميط العرقي الذي يواجهه أبناء الجاليات المسلمة في أوروبا، وخصوصاً في بريطانيا.

لا يلجأ الفيلم إلى خطاب مباشر أو تعميم نظري، بل يحكي عبر الصمت، النظرات، والحساسيات الدقيقة التي تميّز حياة الأطفال وهم يحاولون النجاة من عالم أكبر بكثير منهم.
في كلمة تلاها المنتج خلال العرض، أوضح عِمْران بيريتا أن الفيلم يحمل بعداً قريباً من السيرة الذاتية، مستلهماً تجارب واقعية عاشها هو والعديد من الفتية من أصول مهاجرة. وأعرب عن سعادته بالمشاركة في مهرجان مراكش، مؤكداً أن مثل هذه المنصات تذكّر صانعي الأفلام بـ «الدوافع العميقة التي تلهمهم في صناعة السينما».
يُعد بيريتا، المولود عام 1988، واحداً من أبرز الفنانين المعاصرين في بريطانيا. فهو كاتب سيناريو، مخرج، فنان تركيبي، وملحن، عُرضت أعماله التي تمزج الصوت بالصورة في مؤسسات ومعارض دولية مرموقة، كما تشكل جزءاً من مجموعات فنية عامة وخاصة.
«إيش» ليس فيلما يبحث عن الإثارة، بل عملا يركّز على الإنسانية في أبسط صورها. يقدم بيريتا حكاية طفلين يحاولان التمسك بصداقتهما وهويتهما في عالم يزداد قسوة. وبمشاركته في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش، يمثل الفيلم نموذجاً للأعمال التي تلتقط لحظات الطفولة المعقدة دون مبالغة، وبعين شاعرية قريبة من الحقيقة.
