هيئة التحرير
انطلاقاً مما كتبه الناقد عبد الكريم واكريم
يقدم فيلم «كايي مالكا» للمخرجة مريم التوزاني تجربة لافتة داخل المشهد السينمائي المغربي، إذ يستعيد الفضاء الطنجاوي بحساسية خاصة، مبنية على عمق بصري واشتغال تشخيصي دقيق.
وبناءً على القراءة التي قدمها الناقد عبد الكريم واكريم، يمكن اعتبار العمل خطوة جديدة في مسار التوزاني نحو ترسيخ أسلوب سينمائي يقوم على التفاصيل وعلى الصمت الداخلي للشخصيات.
يشير واكريم إلى أن الفيلم يحتفي بأماكن طنجة القديمة بطريقة يصعب التقاطها إلا من طرف من عاش المدينة وفهم طبقاتها.
فالطنجاويون وحدهم يدركون خصوصية هذه الأزقة والمساحات التي تختزن طفولة كاملة وذاكرة لا تنتهي.
التوزاني تعيد تشكيل هذه الروح في صور متماسكة، وتجعل المكان جزءاً من السرد، لا مجرد خلفية.
تبنى قوة الفيلم على الشخصية الرئيسية التي تظهر بحضور داخلي واضح، يتجلى في خجلها، وتردد أصابعها، وتمسكها بالحياة رغم ثقل الظروف.
هذه التفاصيل التي تحدث عنها واكريم تمثل جوهر الفيلم، وتمنح الأداء صدقاً يجعله قريباً من أعمال مخرجين عالميين اشتغلوا على الحساسية البشرية الدقيقة، مثل أمودوفار وفورد وكوبولا.
انسجاماً مع ملاحظات واكريم، أن «كايي مالكا» يكشف صرامة فنية واضحة لدى التوزاني، خاصة في توظيف الإيقاع البطيء والمضبوط، وفي الاستناد على الصورة كمحرك أساسي للمعنى.
الفيلم يبتعد عن الزوائد، ويعتمد على البناء التدريجي للشخصية، بما يمنح العمل هوية جمالية واضحة.
يلفت واكريم إلى حضور رواية إيغناثيو فاسكيث وخصوصاً شخصية «خونتايتا بنت طنجة»، التي ولدت في المدينة لكنها لم تتصالح تماماً مع فضاءاتها.
هذا التوتر بين الانتماء والاغتراب يشكل محوراً أساسياً في الفيلم أيضاً، حيث تتقاطع البطلة مع طنجة التي تعرفها ولا تعرفها في الوقت ذاته.
يكشف الفيلم عن البنية النفسية للشخصية داخل فضاء طنجاوي مكثف، يجعل التناقضات الداخلية تنعكس على الشاشة.
الكاميرا ترصد هذه التقلبات دون افتعال، وتتحول إلى أداة لالتقاط ما لا يقال وما لا تستطيع الكلمات التعبير عنه.
استناداً إلى قراءة عبد الكريم واكريم، نرى أن «كايي مالكا» يؤكد تطور مريم التوزاني كصوت سينمائي مغربي يمتلك مشروعاً جمالياً خاصاً.
الفيلم لا يبحث عن الإبهار بقدر ما يركز على العمق الإنساني، وعلى إعادة تشكيل ذاكرة طنجة من الداخل، عبر شخصية تحمل الكثير من الهشاشة والكثير من القوة في الآن نفسه.